الحكمة من تقديم الجن على الإنس في بعض الآيات والعكس في بعضه

 





 الحكمة من تقديم الجن على الإنس في بعض الآيات والعكس في بعضه


كثيراً ما يقترن ذكر الجن والإنس في القرآن الكريم، والمتتبع لهذه الآيات يجد أن الله عز وجل أحياناً يقدم الجن،  في مثل قوله تعالى:  { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }  (الذاريات:56) .

وفي آيات أخرى نجد أن الله عز وجل يقدم الإنس في قوله تعالى في سورة الإسراء:  { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} ( الإسراء:88.

في آيات يقدم الإنس أحيانا ، وفي آيات أخرى يقدم الجن أحياناً ، ولا شك أن هذا التقديم والتأخير لم يكن عبثاً من الله عز وجل وإنما هو لحكمة معينة، فما هي الحكمة في ذلك ؟

 

أسباب تقديم الجن علي الإنس


تقديم الجن على الإنس لانهم خلقوا أولا  :

 في قوله تعالي {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } ( الذاريات:56

وفي  سورة الرحمن قال تعالي : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ  } (الرحمن:33) .

وفي سورة النمل قال تعالى : { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ } ( النمل :17  ).

تقديم الجن هنا ظاهر، لأن الله جل وعلا خلقهم قبل أن يخلق الإنس، فخاطبهم باعتبار ترتيب إيجادهم وخلقهم قال الله { وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ } ( الحجر:27 ) .

الجن اقدر علي الحركة من الإنس :


 وفي سياق التحدي بالنفوذ من أقطار السماوات والأرض ، فلقد قدم الجن لأنهم أقدر على الحركة من الإنس ، قال تعالى : {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} ) الرحمن : 33( .


الجن أقوى وأسرع من الإنس :

وفي معرض القوة قدم الجن لانهم أكثر قوة ، وأسرع حركة وحينما أراد الله عز وجل أن يتكلم عن جند سليمان فهو يتكلم عن جيش، والجيش مداره الأول على القوة فقدم الجن وقال : { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} ( النمل:17).

 

أسباب تقديم الإنس علي الجن


تقديم الإنس لانهم أفصح :

وفي سياق الفصاحة والبيان الذي تحدى به العرب الفصحاء وهم من الإنس،  يقدم الإنس على الجن ، لأن الإنس هم المقصودون بالتحدي أولا وقبل كل شيء ، قال تعالى {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (الإسراء : 88(  .

فقدم الإنس هنا لأن الإنس أكثر فصاحةً وبياناً فيما يظهر لنا من الجن، والمخاطب الأول في القرآن بالتحدي في هذه الآيات هم الإنس،  فإن سورة الإسراء مكية وأهل مكة هم الذين كان لهم مجال واسع في الفصاحة والبلاغة ، ولانهم قالوا انه أساطير الأولين ، وانه شعر ، أو انه من أسجاع الكهان كما هو معلوم.


تقديم الإنس لان النبي منهم :

وفي عدم المساءلة عن الذنوب قال تعالى: { فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ* فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ}  (الرحمن/37 ـ 39)  فقد قُدّم الإنس على الجان في الآية لأن الرسول(صلى الله عليه وآله) جاء لهداية البشر، وهم أصحاب القضية، فقدّموا لأن السياق سياقهم ومن أجلهم، وتذكيرا لهم بأن الأمر حق ووعد صادق، فلا بد من حصوله.

 

 



 


اكتب تعليق

أحدث أقدم