الوقاية من عذاب القبر

 





الوقاية من عذاب القبر 


إنّ نعيم القبر وعذابه وعذاب النّار من الأمور الثابتة في الكتاب والسنة، وهي من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، فقد قال الله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}، وقال أيضاً عن المنافقين: {سَنُعَذِّبُهُم مَرَّتَينِ ثُمَّ يُرَدّونَ إِلى عَذابٍ عَظيمٍ}  .

وقد فسّر مجموعة من العلماء، ومنهم ابن مسعود -رضي الله عنه- العذاب الأول بالعذاب في الدنيا، والعذاب الثاني في القبر، والعذاب العظيم في نار جهنم .

ثبت في الصحيحين عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير" ، وهذا يدل على وجود عذاب القبر.

وروي البخاري عن عبد الله بن عمر عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: (إن أحدَكم إذا مات، عُرِضَ عليه مقعدُه بالغداةِ والعشيِّ، إن كان من أهلِ الجنةِ فمن أهلِ الجنةِ، وإن كان من أهلِ النارِ فمن أهلِ النارِ، فَيُقالُ: هذا مقعدُك حتى يبعثَك اللهُ يومَ القيامةِ).

وجاء في صحيح مسلم عن زيد بن ثابت قوله عليه الصلاة والسلام (إنَّ هذهِ الأمةَ تُبتلى في قبورها. فلولا أن لا تدافنوا، لدعوتُ اللهَ أن يُسمعكم من عذابِ القبرِ الذي أسمعُ منهُ) .

والآن نستعرض أسباب النجاة من عذاب القبر :

السبب الأوّل : الشهادة في سبيل الله:

وهي من أعظم أسباب النجاة، ويدلّ عليها الحديث الذي رواه أحد أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث سأله: يا رسول الله، ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ فقال له عليه الصلاة والسلام : " كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة  ( رواه النسائي)

والمعنى كما ذكر الإمام القرطبي:  أن الشأن عند المؤمن البذل والتسليم لله، والحمية لله عز وجل ،والتعصب له لإعلاء كلمته، فهذا قد أظهر صدق ما في ضميره حيث برز للحرب والقتل، فأغنى ذلك عن سؤاله في قبره.

وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال" :   للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه ) " رواه الترمذي وابن ماجة ).

السبب الثاني: المحافظة علي قراءة  سورة تبارك:

 فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم-، قال " :  إن سورة من القرآن، ثلاثون آية، شفعت لرجل حتى غفر له، وهي { تبارك الذي بيده الملك } (الملك: 1   رواه والترمذي في سننه .

وورد هذا المعنى أيضاً في حديث مرفوع ولفظه " هي المانعة ، هي المنجية ؛ تنجيه من عذاب القبر " .

 والقصد أن النجاة تكون بمداومة قراءة هذه السورة المباركة والعمل بمقتضاها، يقول الإمام السيوطي :"  فعرف من مجموع الأدلة أنها تجادل عنه في القبر وفي القيامة لتدفع عنه العذاب وتدخله الجنة".

السبب الثالث: الموت بمرض البطن:

ودليله ما رواه عبد الله بن يسار رحمه الله أنه قال: كنت جالساً وسُلَيْمانُ بنُ صُرَدٍ وخالدُ بنُ عُرفطةَ ، رضي الله عنهما، فذكروا أن رجلاً توفي مات ببطنه، فإذا هما يشتهيان أن يكونا شهدا جنازته، فقال أحدهما للآخر: " ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من يقتله بطنه، فلن يعذب في قبره ؟ فقال الآخر: بلى " رواه النسائي وصححه الالباني .

والمقتول بسبب مرض بطنه يُسمّى المبطون كما جاء في بعض الروايات، وقد بشّر صاحبه بالشهادة، وليس في السنّة تحديدٌ لماهيّة المرض أو نوعه فاحتُمل عمومه والتي منها الاستسقاء أو الإسهال أو غير ذلك مما يظهر من أمراض البطن التي تؤدى إلى الموت .

السبب الرابع: الرباط على الثغور:

 فعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال " كل الميت يختم على عمله إلا المرابط، فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن من فتان القبر"  رواه أبو داوود والترمذي .

 وذلك لأن المرابط ينتظر صيحة العدو يومه وليلته، في موضع يشتدّ الخوف فيه ويقترب فيه من المنيّة، فكان له مثل فضل المقاتل في سبيل الله الشهيد في ساحات المعارك، فينجو من فتنة القبر.

السبب الخامس: الموت يوم الجمعة:

 فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر "  رواه الترمذي وحسنه الألباني .

 والحديث يدل على أن شرف الزمان له تأثير عظيم.

قلت : ومن السنة الإستعاذة بالله من فتنة القبر وعذاب القبر: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال" إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال " رواه  مسلم .


اكتب تعليق

أحدث أقدم