حرمه قتل الجن الا بالحق

 


حرمه قتل الجن الا بالحق


امر الرسول صلي الله عليه وسلم بقتل الحيات, متى راها الانسان فعن ابن عمرقال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( اقتلوا الطفتين والأبتر ، فانهما يطمسان البصر ويستسقطان الحبل ) .

وكان ابن عمر يأخذ بعموم أمره صلى الله عليه وسلم بقتل الحيات ، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل حيات المنازل بدون انذار ، حيث أن عوامر البيوت ( سكانها من الجن ) تتمثل فى صورة حية صغيرة.

أما الحيات التى توجد فى الصحراء ، أو البرارى فتقتل دون انذار .

فعن نافع قال : كان ابن عمر يقتل الحيات كلهن حتى حدثنا أبو لبابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل جنان البيوت فأمسك عنها .

وعن أبى السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبى سعيد الخدرى فى بيته . قال : فوجدته يصلى فجلست انتظره حتى يقضى صلاته , فسمعت تحريكا فى عراجين فى ناحية البيت فالتفت فاذا حية فوثبت لأقلها، فأشار الى أن أجلس فجلست ، فلما انصرف أشار الى بيت فى الدار فقال : أترى هذا البيت ؟ فقلت نعم .

قال : كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس . قال : فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الخندق ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار ، فيرجع الى أهله ، فاستأذنه يوما .

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خذ عليك سلاحك فانى أخشى عليك قريظة  ). فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع ، فاذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى اليها الرمح ليطعنها به وأصابته غيرة .

فقالت له : أكفف عليك رمحك ، وادخل البيت حتى تنظر ما الذى أخرجنى فدخل فاذا بحية عظيمة منطوية على الفراش ، فأهوى اليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركزة فى الدار ، فاضطربت عليه فما يدرى أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى .

قال : فجئنا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرنا ذلك له وقلنا : أدع الله يحييه لنا .

فقال : استغفروا لصاحبكم ثم قال :

(إن بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فأذنوه ثلاثة أيام ، فان بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فانما هو شيطان )

ومن الحديث السابق يتضح :

1 أن الجن يتشكلون بشتى الصور ، وقد تشكل هنا على صورة حية .

2 أن الجن يموتون .

3 حرمة قتل الجن الا بعد التحريج عليهم ثلاثا ، اذا رأيناهم فى صور حيات .

4 وصفه الأنذار هكذا :

( أنشدكن بالعهد الذى أخذه عليكن سليمان بن داود أن لا تؤذونا ولا تظهرون لنا )

قلت : وهذا الانذار له شاهد حيث قد روى أبو داود فى سننه عن أبى ليلى أن رسول الله صلى الله عليه سئل عن حيات البيوت فقال :

( اذا رأيتم منهم شيئا فى مساكنكم فقولوا : أنشدكن العهد الذى أخذه عليكن نوح ،أنشدكن العهد الذى أخذه عليكن سليمان ، أن لا تؤذونا ، فان عادت فاقتلوهن ) .

5 اذا لم تنصرف هذه الحية ، أوعادت للظهور مرة أخرى ، فعلى صاحب البيت قتلها ، فهى إما حية حقيقية ، أو شيطان كافر يحل قتله .

واذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى قتل حيات البيوت ، فقد أمر بقتل نوعا آخر من الحيات وهو الأبتر ، وذا الطفتين ، حيث قد أخبرنا صلى الله عليه وسلم أنهما يخطفان البصر ويسقطان حمل النساء .

فعن أبى لبابة الأنصارى قال : انى سمعت رسول الله صلى الله عليه نهى عن قتل الجنان التى تكون فى البيوت الا الأبتر وذا الطفتين فأنها اللذان يخطفان البصر ويتبعان ما فى بطون النساء .

ويقول الامام النووى :

قال النضر بن شميل : هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب ، لا تنظر اليه حامل الا ألقت بما فى بطنها .ثم قالت : يستسقطان الحبل معناه : أن المرأة الحامل اذا نظرت اليها وخافت أسقط حملها .

ويلتمسان البصر معناه يخطفان البصر ويطمسانه بمجرد نظرهما اليه لخاصة جعلها الله تعالى فى بصريهما اذا وقع على بصر الانسان .

وقد أخرج أبو الشيخ فى ( العظمة ) عن ابن أبى مليكة : أن جانا لا يزال يطلع على عائشة رضى الله عنها فأمرت به ، فقتل ، فأتيت فى المنام ، فقيل : قتلت عبد الله المسلم ، فقالت : لو كان مسلما لم يطلع على أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فقال لها : ما كان يطلع عليك حتى تجمعى عليك ثيابك وما كان يجىء الا ليستمع القرآن ، فلما أصبحت أمرت باثنتى عشر ألف درهم ، فقسمت على المساكين .

ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية :

قتل الجن بغير حق لا يجوز ، كما لا يجوز قتل الانس بلا حق ، والظلم محرم فى كل حال ، فلا يحل لأحد أن يظلم أحدا ، ولو كان كافرا . قال تعالى :

{ ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى }

والجن يتصورون بصور شتى ، فاذا كانت حيات البيوت ، قد تكون جنا ، فتؤذن ثلاثا ، فإن ذهبت وإلا قتلت ، فإن كانت حية قتلت ، , وإن كانت جنية فقد أصرت على العدوان ، بظهورها للأنس فى صورة حية تفزعهم بذلك والعادى هو الصائل ، الذى يجوز دفعه بما يدفع ضرره ولو كان قتلا، وأما قتلهم بدون سبب يبيح فذلك لا يجوز .


اكتب تعليق

أحدث أقدم