هل الجن مكلفون ؟


هل الجن مكلفون ؟


 أجمع أهل النظر على أن الجن كلهم مكلفون ، واستدلوا على ذلك بما في القرآن الكريم من ذم الشياطين ولعنهم ، وذكر ما أعد الله لهم من العذاب وهذه الأمور لا يفعلها الله سبحانه إلا لمن خالف الأمر والنهي ، وأرتكب الكبائر وهتك المحارم مع تمكنه من أن لا يفعل ذلك وقدرته على فعل خلافه .

ففي يوم القيامة يقول الله مخاطباً كفرة الجن والإنس موبخاً مبكتاً: { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسلٌ منكم يقصُّون عليكم آيَاتِي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرَّتهم الحياة الدُّنيا وشهدوا على أنفسهم أنَّهم كانوا كافرين } (الأنعام: 13 )  .

والدليل على أنهم سيعذبون في النار قوله تعالى: { قال ادخلوا في أممٍ قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النَّار} ( الأعراف: 38)

 وقال تعالى : { ولقد ذرأنا لجهنَّم كثيراً من الجن والإنس} ( الأعراف: 179) .

وقال تعالى : { لأملأنَّ جهنَّم من الجنَّة والنَّاس أجمعين } ( السجدة : 13 ) .

والدليل على أن المؤمنين من الجن يدخلون الجنة قوله تعالى: {ولمن خاف مقام ربه جنَّتان - فَبِأَيِّ آلاء ربكما تكذبان} ( الرحمن : 46 ، 47 ) .

يقول ابن مفلح في كتابه الفروع : ( الجن مكلفون في الجملة إجماعاً يدخل كافرهم النار إجماعا ، ويدخل مؤمنهم الجنة وفاقاً لمالك والشافعي رضي الله عنهما , لا أنهم يصيرون تراباً كالبهائم ، وأن ثواب مؤمنهم النجاة من النار خلافا لأبي حنيفة والليث بن سعد ومن وافقهما ، قال : وظاهر الأول أنهم في الجنة كغيرهم بقدر ثوابهم خلافا لمن قال : لا يأكلون ولا يشربون فيها كمجاهد ، أو أنهم في  ربض الجنة ، أي : حول الجنة كعمر بن عبد العزيز قال ابن حامد في كتابه ( الجن كالأنس في التكليف والعبادات ) لوامع الأنوار البهية: 2/222-223.

وقد عقد الشبلي باباً قال فيه: " باب في أن الجن مكلفون بإجماع أهل النظر ". نقل فيه عن أبي عمر بن عبد البر: أن الجن عند الجماعة مكلفون مخاطبون لقوله تعالى: (فَبِأَيِّ آلاء ربكما تكذبان) [الرحمن: 13] .

وقال الرازي في تفسيره: " أطبق الكل على أن الجن كلهم مكلفون ".
 
ونقل الشبلي عن القاضي عبد الجبار قوله: " لا نعلم خلافاً بين أهل النظر في أنّ الجن مكلفون ، وقد حكى عن بعض المؤلفين في المقالات أن الحشوية قالوا: إنهم مضطرون إلى أفعالهم، وأنهم ليسوا مكلفين  ."

وتكليف الجن ليس مساوياً لتكليف الإنس بل تكليفهم بحسب خلقهم وأحوالهم يقول ابن تيمية : الجن مأمورون بالأصول والفروع بحسبهم فأنهم ليسوا مماثلين للإنس في الحد والحقيقة ، فلا يكون ما أمروا به ونهوا عنه مساوياً لما على الإنس في الحد ،  لكنهم مشاركون الإنس في جنس التكليف بالأمر والنهي والتحليل والتحريم وهذا ما لم أعلم فيه نزاعاً بين المسلمين ( مجموعة الفتاوي  4-233) .

اكتب تعليق

أحدث أقدم