رجــال لا يدخـلون الجنــة

 




رجــال لا يدخـلون الجنــة

 

كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يحذر أصحابه من الأعمال القبيحة والأفعال السيئة التي تؤدي بصاحبها الي النار ومن هذه الأفعال السيئة ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أصناف ، وهم: الشيخ الزاني، والإمام الكاذب، والعائل المستكبر .

فعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب ، وعائل مستكبر" رواه مسلم.

وإنما غُلّظت عليهم العقوبة لأنه لم يحملهم على الوقوع فيها الحاجة أو الضرورة، وإنما المعاندة والاستخفاف بأمر تلك المعاصي.

وهؤلاء الأصناف لا يدخلون الجنة من أول وهلةٍ، وإنما يدخلونها بعد أخذ نصيبهم من العذاب في النار بمقدارٍ يُقدره الله -سبحانه وتعالى- بعدله وحكمته، فيتطهرون ثم يدخلون الجنة؛ لأن هذه الأعمال من كبائر الذنوب التي تُدخل صاحبها في النار ولكنها لا تُخلده فيها.

ولا يُسمى مرتكب هذه المعاصي كافراً إذا كان موحداً لله تعالى، وإنما هو مسلمٌ عاصي مرتكب لكبيرة، والمعاصي المذكورة في الحديث من أكبر الكبائر فيدخل فاعلها النار ويتطهر ثم يدخل الجنة ، وسنعرض في هذا المقال شرحاً لهؤلاء الأصناف الثلاثة:

الشيخُ الزَّاني :

في هذا الحديث توعدٌ لمعصيةٍ هي كبيرة من الكبائر ، ألا وهي الزنا للرجل الذي كبر سنه أو المرأة التي كبر سنها، وتغليظ للعقوبة لهما تفوق عقوبة الزاني الشاب، لأن الشيخ الكبير بلغ من العمر والحكمة والتجارب ما يجعله رزيناً ذا عقل يزن الأمور ولا يقع في شهواته ونزواته.

وإضافة إلى أنه ليس لديه نزوات الشباب وفورته وحاجاته الجسدية التي يصعب ضبطها، فكيف لهذا الذي أكرمه الله -سبحانه وتعالى- بإكمال عقله أن يقع في هذا الشيء الفاحش، فهو مستحقٌ للنار.

الإمامُ الكذَّابُ :

وهو الملك الذي تعوّد على الكذب على رعيته ، رغم سلطانه وقوته واتباع الناس لأوامره ، وخوفهم من بطشه، أو نفاقهم له رغبةً فيما عنده من متاع الدنيا؛ فهو ليس بحاجةٍ إلى الكذب، لكنه اتبع هواه وشهوته وتعوّد على الكذب، واستخف بهذه المعصيّة الكبيرة، فاستحق هذا التشديد.

العائلُ المستكبر :

 الفقير المتكبر ولفظ الحديث: (العائلُ المستكبر)؛ وهو الفقير الذي عُدِم المال وأسباب التكبر والخيلاء على الناس، فليس من حاجة تدعوه إلى التكبر، وليس له من المؤهلات، غير حاجةٍ في نفسه .

والتكبر مذمومٌ على كلّ حالٍ، ومقياسه دقيقٌ فيقاس بالذر؛ فقد ثبت عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ) .

وقد وردت روايات أخرى في ثلاثة لا يدخلون الجنة منها :

عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " ثلاثةٌ لا يدخُلونَ الجنَّةَ: العاقُّ لوالِدَيهِ ، والمدمِنُ على الخمرِ، والمنَّانُ بما أعطى ".

العاق لوالديه :

كفى بالإنسان ظلما أن يعق والديه، وهما سبب وجوده، وكم تحملا حتى يكبر ويصبح إنساناً ذا شأنٍ وكانت رغباته مقدمة عندهم على أهم ضرورياتهم، ويكفي للتنويه بحقهم أن قرن الله -سبحانه وتعالى- بين عبادته وحسن معاملتهما في كتابه العظيم. قال الله -تعالى-: { وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا * وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا} .

مدمن الخمر :

الخمر هي أم الخبائث، وتُذهب العقل الذي هو مناط التكليف في الإنسان، حيث إن شارب الخمر قد يرتكب أيّ شيء؛ فقد يقتل أو يزنى أو يُتلف الممتلكات وغيرها؛ ولذلك كان تغليظ عقوبته.

المنان بما أعطى :

من قبح المنان أنه ينقص ماله ولا ينال أجرا ولا حمدا على ذلك، ولذا ذم الله هذا الفعل وأخبرنا أنه يحبط العمل، فقال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى } (البقرة:264).

قال القرطبي في تفسيره: المن: ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها، مثل أن يقول: قد أحسنت إليك ونعشتك وشبهه.

وقال بعضهم: المن: التحدث بما أعطى حتى يبلغ ذلك المعطى فيؤذيه.

والمن من الكبائر .

وجدير بمن يرجو لقاء ربه أن يترك المن ويتنزه عنه، لما فيه من الإثم وحبوط العمل، وأعظم من ذلك أن الله عز وجل لا ينظر إليه ولا يكلمه ولا يزكيه ثم عاقبته العذاب الأليم ، نعوذ بالله من الخذلان .

 


اكتب تعليق

أحدث أقدم