الرسول صلى الله عليه وسلم والسحر

 




الرسول صلى الله عليه وسلم والسحر

 

 حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر في كثير من الأحاديث الشريفة وأخبرنا أنه من الموبقات والكبائر .


السحر من الكبائر :

 فعن أبي هريره رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجتنبوا السبع الموبقات .... وعدد منها الشرك والسحر " رواه البخاري في صحيحه .

وقال صلى الله عليه وسلم : " حد الساحر ضربه بالسيف "

رواه الترمذي عن جندب الأزدي ، ثم قال : لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، الصحيح أنه موقوف على جندب ، ولكن قال ابن كثير : إن هذا الحديث قد رواه الطبراني من وجه آخر عن الحسن عن جندب مرفوعا .

من سحر النبي صلي الله عليه وسلم ؟

 وإذا تكلمنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والسحر فيجب نتساءل هل سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ام لا؟

روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها  أنها قالت : سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زريق يقال له : لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل شيء وما فعله ، حتى إذا كان يوم ذات يوما أو ذات ليلة هو عندي لكنه دعا ودعا ، ثم قال يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما أستفتيه فيه ؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي فقال أحدهما للأخر : ما وجع الرجل ؟

قال : مطبوب .

قال : من طبه ؟

قال : لبيد بن الأعصم .

قال : في أي شيء طبه ؟

قال في مشط ومشاطة وجف طلع نخلة ذكر .

قال : وأين هو ؟

قال : في بئر ذروان .

فأتاه الرسول صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه .

فجاء فقال : يا عائشة كأن بها نقاعة الحناء ، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين .

قلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا استخرجته .

 قال : قد عافاني الله فكرهت ، أثير على الناس فيه شرا فأمر بها فدفنت "  رواه البخاري ومسلم وابن ماجه.

 قال المازري :

انكر بعض  المبتدعة هذا الحديث ، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشك فيها ، قالوا وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل ، وزعموا أن تجويز ذلك بعدم الثقة بما شرعه من الشرائع إذ يحتمل على هذا أنه يرى جبريل وليس هو، وأنه يوحي إليه شيء ولم يوح إليه بشيء وهذا كله مردود لأن الدليل قد قام على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن رب العزة ، وعلى عصمته صلى الله عليه وسلم في التبليغ .

والمعجزات شاهدات بتصديقه بتجويز ما قال الدليل على خلافه ، أما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث من أجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعتري البشر كالأمراض .

ثم قال : وقد قال بعض الناس أن المراد بالحديث أنه كان صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطئهن ، وهذا كثيرا ما يقع للإنسان في المنام فلا يبعد أن يتخيل فعله في اليقظة .

ويقول القاضي عياض :

وأما ما جاء في الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم كان يخيل إليه يفعل الشيء وهو لا يفعله وليس في هذا ما يدخل عليه صلي الله عليه وسلم داخلة نقص أو عيب في شيء من تبليغه أو شريعته بقيام الدليل والاجماع علي عصمته من هذا فيما يجوز طرؤه من أمور الدنيا التي لم يبعث بسببها ولا فضل من أجلها وهو عرضة للآفات كسائر البشر .

ويقول الدكتور محمد سعيد البوطي :

علي ان خبر سحره صلى الله عليه وسلم أنما يدخل في جمله الخوارق التي أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فهو ليس مثار نقيصة له وإنما هو دليل جديد من أدله اكرام الله عز وجل له وحفظه إياه وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وظل يكثر الدعاء حين شعر بهذه الأعراض في جسمه إلى أن أطلعه الله على المكيدة التي صنعها له لبيد بن الأعصم فذهب إلى حيث قد كان قد طوى الرجل أمشاطه وأسباب سحره فأبطله رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ويقول ابن القيم قد انكر طائفة من الناس وقالوا : لا يجوز هذا عليه وظنوه ناقصا وعيبا ، وليس الأمر كما زعموا بل هو من جنس ما كان يعتريه صلى الله عليه وسلم من الأسقام والأوجاع ، وهو مرض من الأمراض واصابته به كاصابته بالسم وفاء فرق بينهما .

هذا وقد روى ابن كثير رواية أخرى للحديث وهي عن عائشة رضي اله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض وانتثر شعر رأسه ولبث ستة أشهر يرى انه يأتي النساء ولا يأتيهن وجعل يذوب ولا يدري ما عراه فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والأخر عند رجليه فقال الذي عند رأسه للذي عند رجليه : ما بال الرجل؟

قال : طب .

قال : وما طب ؟

 قال : سحر .

قال : ومن سحره ؟

قال : ابن الاعصم اليهودي .

قال : وبما طبه ؟

قال : بمشط ومشاطة .

قال : واين هو ؟

قال : في جف طلح ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان ، والجف : قشر الطلع ، والراعوفة:  حجر في أسفل البئر ، ناتئ يقوم عليه الماتح .

جبريل يرقي النبي صلي الله عليه وسم :

فانتبه رسول الله صلي الله عليه وسلم مذعورا وقال : يا عائشة اما شعرت أن الله اخبرني بدائي ، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وابن الزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحناء، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان مشطه ، وإذا فيه وتر معقود فيه اثنتي عشرة عقدة مغروزة بالإبرة فأنزل  الله المعوذتين فجعل كلما قرأ آية انحلت عقد ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة نشط من عقال .

وجعل جبريل يقول : " بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعين والله يشفيك  "  .

 


اكتب تعليق

أحدث أقدم