خمس دواب يقتلن في الحل والحرم


 


خمس دواب يقتلن في الحل والحرم

 

عن عائشة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خمس من الدواب كلهن فواسق، يُقتلن في الحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة والكلب العقور".

ولمسلم: "خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم".

وفي حديث ابن عمر: "خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح"، وفي رواية عن عمر قالت حفصة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن"؛ الحديث.

 وفي رواية للبخاري : " خمس فواسق يُقتلن في الحرم : الفأرة والعقرب والْحُدَيّا والغراب والكلب العقور "  .

حرمة مكة المكرمة :

لَمّا ذَكَر حُرمة مكة ، وانه لا يُسفك فيها دَم ، ولا يُقطع فيها شجر ، ولا يُنفّر صيد الْحَرَم ، عَقَد هذا الباب ، وهو باب ما يجوز قَتْله ، وهو مُستثنى مما تقدّم من التحريم ، سواء كان ذلك في الْحَرَم ، أو كان في حقّ الْمُحْرِم.

هل العدد خمس أم أكثر :

قوله : " خَمْس مِنْ الدَوَابِّ "
لا يقتضي الحصر في هذه الخمس ، ففي صحيح مسلم من طريق زيد بن جبير قال : سأل رجلٌ ابنَ عمر ما يَقْتُل الرجل من الدّواب وهو مُحْرِم ؟ قال : حدّثتني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمُر بِقَتْل الكَلْب العَقُور والفَأرَة والعَقْرَب والْحُدَيّا والغُرَاب والْحَيَّة .

قال : وفي الصلاة أيضا . فَذَكَر سِتّا . إلاّ أن يُقال : الحية في معنى العقرب لِجَامع السُّمِّـيَّة بينهما .

الغراب الأبقع :

قوله : " الْغُرَابُ " في رواية لمسلم : " والغراب الأبقع "  .
قال القاضي عياض : وقوله : " الغراب الأبقع " كل ما فيه بياض وسواد فهو أبقع ، وأصله لون يخالف بعضه بعضا . اهـ .
وفي الْمُحْكَم : وغراب أبْقَع : في صَدره بياض ...

وغراب أبقع : يُخالط سَواده بياض ، وهو أخبثها ، وبه يُضْرب المثل لكل خبيث .
قال ابن قدامة : والمراد بالغراب : الأبقع وغراب البين .
وهذا يُقيد المطلق في الحديث الآخر ، ولا يمكن حَمْله على العموم ، بدليل أن المباح من الغربان لا يَحِلّ قَتْله .
وقال العيني : الروايات الْمُطْلَقة محمولة على هذه الرواية الْمفَيدة التي رواها مسلم ، وذلك لأن الغراب إنما أُبيح قتله لكونه يبتدئ بالأذى ، ولا يبتدئ بالأذى إلا الغراب الأبقع .

لايباح قتل غراب الزرع :

 وأما الغراب غير الأبقع فلا يبتدئ بالأذى ، فلا يباح قتله ، كغراب الزرع ، ويقال له الزاغ ، وأفتوا بجواز أكله ، فَبَقِي ما عداه من الغربان مُلْتَحِقًا بالأبقع . اهـ .
وفي معنى " الأبقع " الغراب الأسود الكبير .

الحدايا أو الحدأة :

الحِدَأَةُ : - كما قال المصنف رحمه الله - : بكسر الحاء وفتح الدالِ مَهْموز .
وتقدّم في بعض الروايات تسميتها : الْحُديّا . وفي حديث آخر جاء تسميتها بـ " الْحُدَيَّاة "
وهي تنقضّ من السماء وتلتقط الطيور والأشياء الحمراء تحسبها لَحْمًا  .

العقرب والحية :

وَالْعَقْرَبُ " تقدّم أن في بعض الروايات جاء ذِكر الحيات ، وتقدّم قول ابن قدامة : وعلى العقرب تنبيه على الْحَيَّات ..

التحريج علي حيات المنازل :

والحية من الفاسق، لكن حيات البيوت تنذر ثلاثة أيام ثم تقتل فلا تقتل حيات البيوت مباشرة، بل لا بد من الإنذار؛ لنهي النبي صلى الله عليه سلم: عن قتل حيات البيوت إلا بعد الإنذار ثلاثاً كما جاءت بذلك الأحاديث والآثار في سنن الترمذي وأبي داود ومسند الإمام أحمد، وجاء في صفة الإنذار أن يقال لها: «أنشدناكم بالعهد الذي أخذ عليكم نوح، وننشدكم بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان ألا تؤذونا»، فإن عادت بعد الإنذار ثلاثة أيام حل قتلها. 

وإنما شرع إنذارها؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن بالمدينة نفرا من الجن المسلمين فإذا رأيتم من هؤلاء العوامر شيئا فآذنوه ثلاثا، فإن ظهر لكم بعد فاقتلوه».

وقد جاء الحديث على قصة هي سبب وروده، وهي أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: كان حديث عهد بزواج، فخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما عاد وجد امرأته قائمة فأخذ رمحه فقالت له: لا تعجل حتى تنظر، فنظر فإذا حية على فراشها، فغرز الرمح فيها ثم رفعها؛ فاهتزت الحية واهتز الرجل فماتت الحيّة والرجل، فذكر ذلك للنبي .

فيجب انذار حيات المنازل ويقول : احرج عليك بالله واليوم الآخر ألا تبدو لنا ولا تئذينا 
فان لم تخرج ، او خرجت وعادت تقتل .

الكلب العقور :

قوله : " وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ "
قال الإمام مالك : الكلب العقور : ما عَقَر الناس وعدا عليهم ، مثل الأسد والنمر والفهد والذئب .
وقال الإمام أحمد بن حنبل : تَقْتُل كل ما عَدا عليك وعقرك وآذاك ، ولا فدية عليك .
وقد الحق به العلماء كل ما في حُكمه ومعناه .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُرَاد بِالْكَلْبِ الْعَقُور ؛ فَقِيلَ : هُوَ الْكَلْب الْمَعْرُوف . وَقِيلَ : كُلّ مَا يَفْترِس ؛ لأَنَّ كُل مُفْتَرِس مِنْ السِّبَاع يُسَمَّى كَلْبًا عَقُورًا فِي اللُّغَة .

قال مالك في الموطأ: كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم؛ مثل: الأسد والنمر والفهد والذئب، هو العقور.

 

الفأرة وما في حكمها :

 قوله: (والفأرة) قال الحافظ : لم يختلف العلماء في جواز قتلها للمحرم ،

وقال: والفأر أنواع منها الجرذ بالجيم ، وفأرة الإبل، وفأرة المسك، وفأرة الغيط، وحكمها في تحريم الأكل وجواز القتل سواء.

قال الحافظ: (وهو قول الجمهور، وقال بعض العلماء: أنواع الأذى مختلفة، وكأنه نبَّه بالعقرب على ما يشاركها في الأذى باللسع، ونحوه من ذوات السموم؛ كالحية والزنبور، وبالفأرة على ما يشاركها في الأذى بالنقب والقرض كابن عرس، وبالغراب والحدأة على ما يشاركها في الأذى بالاختطاف كالصقر، وبالكلب العقور على ما يشاركه في الأذى بالعدوان والعقر كالأسد والفهد ) .

 



اكتب تعليق

أحدث أقدم