معجزات الرسول مع الجن والشياطين




معجزات الرسول مع الجن والشياطين
 
 سمــاع الجـن له : 

كان النبي صلى الله عليه وسلم حفياً بأن يتبع الناس دعوة الحق، ويؤمنوا بالله ورسوله ويتركوا عبادة الأوثان، وكما قال الله تعالى مخاطباً نبيه الكريم { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } (الشعراء 3 ) . 

ولقد شكا أن قومه لا يتبعونه ، وأن غيرهم كمثلهم، فبين الله تعالى أنه إذا كان الذين اتبعوه من قومه عدداً قليلاً ، فإن له أتباعاً من الجن، فبَيَّن الله تعالى أن بعض الجن قد استمعوا، واستجابوا ولم يكفروا فقال تعالى مخبراً عن سماعهم فيما يروي الرواة بعد خروجه من الطائف، وما نزل به.

قال الله سبحانه وتعالى: { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32) } الأحقاف.

وقال الله تعالى في سورة الجن: { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)} الجن .

والجن كما تدل ظواهر القرآن الكريم وما روى من أخبار عن النبى صلى الله عليه وسلم جنس يقابل الإنسان، فليس الجن من الأناسي، ولا يتفق مع القرآن الكريم قول من يقول إنهم طائفة من الناس غُيِبوا فى الأرض، أو بعدوا فيها.

إن كل عبارات القرآن الكريم تصرح بأنهم جنس مقابل للإنس، وآيات الكتاب الكريم في ذلك كثيرة، من ذلك قول الله تعالى: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) } الأنعام.

وإن هذه الآيات الكريمات تدل بصريحها على أن الجن جنس، والإنس جنس آخر.
ويقول الله تعالى: { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } ( الإسراء88 ) .

واقرأ قول الله تعالى: { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }  ( الرحمن 33 ) .

وإننا نأخذ من صريح هذه النصوص اختلاف الجنسين، فليس الإنس من الجن، ولا الجن من الإنس، وإن الواجب أن نأخذ بظواهر الألفاظ إلا إذا قام الدليل على أن الكلام على ظاهره مناقض لحقيقة شرعية قد علمت من الدين بالضرورة، أو أمر عقلي مستحيل مخالفته.

وبعد ذلك نتساءل: ما حقيقة الجن؟ 

 والجواب عن ذلك : أننا نميل إلى ما يقرره المسلمون. وهو أن الجن من نار، واعتمدوا في ذلك على نص القرآن الكريم، لا على الأوهام، وذلك لأن الله تعالى قال عن إبليس اللعين: { كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } ولمَّا أبى واستكبر ولم يَسْجُد لآدم، قال فيما حَكَى الله سبحانه وتعالى عنه: { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ } ( الأعراف 12 ) .

وبالتقاء النصين الكريمين يثبت أن إبليس بصريح اللفظ كان من الجن، وأن الجن خلق من نار.هذا كما يدل عليه صريح القرآن الكريم.وإن سماع الجن وإيمان بعضهم تسلية للنبى صلى الل عليه وسلم إذ فيه بيان أنه كان قد بطؤت الإجابة في الإنس فقد سارعت الجن إلى الإجابة { فَلاً تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} ( المائدة 26 ) . 

وسماع الجن للقرآن الكريم وإيمان بعضهم كان لإيناسه عليه الصلاة والسلام بكثرة الأتباع.

( خاتم النبيين- الإمام محمد أبو زهرة )

اكتب تعليق

أحدث أقدم