كيفية التعامل مع الحيات التى تظهر فى المنازل ؟


كيفية التعامل مع الحيات التى تظهر فى المنازل ؟

قد تكون الحيات التى تظهر فى البيوت جنا قد تشكل بشكل هذه الحية ونحن لا نعرف فهل يجوز لنا قتل هذه الحية ؟ 
                                                       
عن ابى السائب دخل على أبي سعيد الخدري – رضي الله عنهفي بيته ، فوجده يصلي ، قال : فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته ، فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت ، فالتفت ، فإذا حية ، فوثبت لأقتلها ، فأشار الي أن اجلس ، فجلست ، فلما أنصرف أشار إلى بيت في الدار ، فقال : أترى هذا البيت ؟ قلت : نعم قال : كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس ، قال : فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار ، فيرجع إلى أهله ، فاستأذنه يوما ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة " ، فأخذ الرجل سلاحه .
 ثم رجع ، فإذا امرأته بين البابين قائمة ، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها ، وأصابته غيرة ، فقالت له : أكفف عليك رمحك ، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني ، فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش ، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ، ثم خرج ، فركزه في الدار فاضطربت عليه ، فما يدري أيهما كان أسرع موتا : الحية أم الفتى ؟
 قال : فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له ، وقلنا أدع الله يحييه لنا ، فقال : " استغفروا لصاحبكم " ، ثم قال : " إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ***** أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان " . (مسلم برقم 2236 ) .

قال النووي : ( قوله : فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله قال العلماء : هذا الاستئذان امتثال لقوله تعالى : { وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَئذِنُوهُ } (النور –62 ) .
وأنصاف النهار بفتح الهمزة أي : منتصفه ، وكأنه وقت لآخر النصف الأول وأول النصف الثاني ، فجمعه كما قالوا ظهور الترسين وأما رجوعه إلى أهله فليطالع حالهم ، ويقضي حاجتهم ، ويؤنس امرأته ، فإنها كانت عروسا كما ذكر في الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم : " فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان " .
قال العلماء : معناه : وإذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنه ليس من عوامير البيوت ، ولا ممن أسلم من الجن ، بل هو شيطان ، فلا حرمة عليكم فاقتلوه ، ولن يجعل الله له سبيلا للانتصار عليكم بثأره ، بخلاف العوامر ومن أسلم والله أعلم ) .
( صحيح مسلم بشرح النووي - 13 ، 14 ، 15 / 397 )

قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر الحديث السابق : ( وقتل الجن بغير حق لا يجوز ، كما لا يجوز قتل الإنس بلا حق ، والظلم محرم في كل حال ، فلا يحل لأحد أن يظلم أحدا ولو كان كافرا ، بل قال تعالى : { وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنئانُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } (المائدة -  8 ) .
فإذا كانت حيات البيوت قد تكون جنا فتؤذن ثلاثا ، فإن ذهبت وإلا قتلت ، فإنها إن كانت حية قتلت ، وإن كانت جنية فقد أصرت على العدوان بظهورها للإنس في صورة حية تفزعهم بذلك ، والعادي هو الصائل الذي يجوز دفعه بما يدفع ضرره ولو كان قتلا ، وأما قتلهم بدون سبب يبيح ذلك فلا يجوز ) .
                      ( إيضاح الدلالة في عموم الرسالة - ص 34 - 36 )

وقال - رحمه الله - : ( كثير من أهل العزائم يتعدون على الجن ؛ فيأمرون بقتل من لا يجوز قتله ، وقد يحبسون من لا يحتاج إلى حبسه ، ولهذا قد تقاتلهم الجن على ذلك ؛ ففيهم من تقتله الجن أو تمرضه ، وفيهم من يفعل ذلك بأهله وأولاده أو دوابه ) .
                                ( مجموع الفتاوى  19 / 53 )
قال محمد بن مفلح : ( يسن أن يقال للحية التي في البيوت ثلاث مرات - ذكره غير واحد  ولفظه في " الفصول " ثلاثا ولفظه في "المجرد" ثلاثة أيام - اذهب بسلام لا تؤذنا ، فإن ذهب ، وإلا قتله إن شاء ، وإن رآه ذاهبا كره قتله ، وقيل : لا يكره
وقد قال أحمد في رواية الفضل بن زياد : الإيذان في حق غير :
الطفيتين : وهو الذي بظهره خط أسود .
 والأبتر : وهو الغليظ الذنب كأنه قد قطع ذنبه .
 فإنهما يقتلان من غير إيذان وإن كان غير ذلك مثل هذا الدقيق الذنب فهو حيات البيوت يؤذنه ثلاثا يقول : لا تؤذنا ، اذهب بسلام وهذا هو الذي في " الرعاية "
وقال الميموني : سئل أبو عبد الله عن قتل دواب البيوت ؟ قال : لا يقتل منهن إلا ذو الطفيتين والأبتر وذو الطفيتين : خطان في ظهره ، ثم ذكر حديث أبي لبابة ، قيل لأبي عبد الله : فما تقتل من الحيات ؟ قال : " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل دواب البيوت إلا ذي الطفيتين والأبتر " ، فقلنا له : إنه ربما كان في البيوت منهن شيء ، الهائل منهن غلظا وطولا حتى يفزعن ، فقال : إذا كان هذا فأرجو أن لا يكون في قتله أي حرج قال : فكان الأمر عنده فيه سهولة إذا كن يخفن .
وقال المروزي : سئل أبو عبد الله عن الحية تظهر ؟ قال : تؤذن ثلاثا ، قلت : ثلاثة  أيام ، أو ثلاث مرار ؟ قال : ثلاث مرار إلا أن يكون ذو الطفيتين وهي التي عليها خطان والأبتر هو الذي كأنه مقطوع الذنب ، يقتل ولا يؤذن
قال المروزي : وكنت أحفر بئرا بين يدي أبي عبد الله ، فخرجت حية حمراء فقلت : يا ابا عبد الله : اقتلها ؟ فنظر ، فقال لي : لا تعرض لها دعها .
وجواب أحمد - رحمه الله - بالنهي يدل على أنه يحرم عنده القتل قبل الإيذان ، لأنه ظاهر النهي عنده  ، وعند المالكية حيات مدينة النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقتل إلا بعد الإنذار للإخبار ، ويستحب قتل حيات غيرها ، وعند الحنفية ينبغي أن لا تقتل الحية البيضاء لأنها من الجان،وقال الطحاوي : لا بأس بقتل الكل ، والأولى هو الإنذار )
                            ( الآداب الشرعية - 3 / 347 ، 348 ) 
قال الدميري : ( وقد اختلف العلماء في الإنذار هل هو ثلاثة أيام أو ثلاث مرات ، والأول هو الذي عليه الجمهور وكيفيته أن يقول " أنشدكن بالعهد الذي أخذه عليكن نوح وسليمان عليهما الصلاة والسلام أن لا تبدوا لنا ولا تؤذونا .
 وفي " أسد الغابة " عن عبد الرحمن بن أبي يعلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا ظهرت الحية في المسكن فقولوا لها إنا نسألك بعهد نوح وبعهد سليمان بن داود عليهم الصلاة والسلام لا تؤذينا فإن عادت فاقتلوها  " .
 ")  السلسلة الضعيفة 1508 " ) ( حياة الحيوان الكبرى – 1 / 360   ).
سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عن صيغة التحريج على حيات البيوت وعوامرهن ، وهل هي ثلاث مرات أو ثلاث أيام ؟

فأجاب – حفظه الله - : ( ورد في الحديث أن البيت الخرب إذا نزل فيه أحد ورأوا فيه حيات أو يشبهها فلأهل البيت أن يحرجوا عليها ثلاثة أيام بنحو قولهم " أيا من سكن الدار من العمار والزوار عزمت عليكم بالله وآياته ألا تفرقتم عن هذا المسكن وتحولتم عن جوارنا وعن ملكنا " .
ثم يكرر هذا التحريج كل يوم مراراً ، فمتى مضت الأيام الثلاثة فرأى بعد ذلك شيئاً من الحيات فله قتلها باعتبارها مؤذية ، أو أنها من الحيوانات الحية لا من الجن ونحوهم) .
           ( هداية الأنام إلى فتاوى الرقى للأئمة الأعلام - تحت التأليف )

كيفية التحريج ؟

وأما صفة الإنذار فقال القاضي : روى ابن حبيب عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه يقول : " أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان بن داوود أن لا تؤذونا ولا تظهرن لنا "  .
وقال مالك : يكفي أن يقول : أحرج عليك بالله واليوم الآخر أن لا تبدو لنا ولا تؤذوننا .
( صحيح مسلم بشرح النووي - 13 ، 14/ 392 )
أو : " لا تؤذنا اذهب بسلام " .
 أو أن يقال : " أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان بن داوود أن لا تؤذونا ولا تظهرن لنا "

هل كل الحيات تقتل بدون انذار ؟

قال النووي : ( قال المازري : لا تقتل حيات مدينة النبي صلى الله عليه وسلم إلا بإنذارها كما جاء في الأحاديث ، فإذا أنذرها ولم تنصرف قتلها وأما حيات غير المدينة في جميع الأرض والبيوت والدور فيندب قتلها من غير إنذار لعموم الأحاديث الصحيحة في الأمر بقتلها ففي هذه الأحاديث " اقتلوا الحيات " وفي الحديث الآخر : " خمس يقتلن في الحل والحرم " منها الحية ، ولم يذكر إنذارا .
وفي حديث الحية الخارجة بمنى أنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتلها ، ولم يذكر إنذارا ، ولا نقل أنهم أنذروها قالوا : فأخذ بهذه الأحاديث في استحباب قتل الحيات مطلقا ، وخصت المدينة بالإنذار للحديث الوارد فيها ، وسببه صرح به في الحديث أنه أسلم طائفة من الجن بها .
 وذهبت طائفة من العلماء إلى عموم النهي في حيات البيوت بكل بلد حتى تنذر ، وأما ما ليس في البيوت فيقتل من غير إنذار  .
 قال مالك : يقتل ما وجد منها في المساجد .
قال القاضي : وقال بعض العلماء : الأمر بقتل الحيات مطلقا مخصوص بالنهي عن جنان البيوت ، إلا الأبتر وذا الطفيتين ، فإنه يقتل على كل حال سواء كانا في البيوت أم غيرها ، وإلا ما ظهر منها بعد الإنذار قال : ويخص من النهي عن قتل جنان البيوت الأبتر وذو الطفيتين والله أعلم(  .
ويستثنى من حيات البيوت حية الابتر وذو طفيتين ، كما ثبت من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقتلوا ذا الطفيتين ، فإنه يطمس البصر ويصيب الحبل " ( متفق عليه ) .
 وهذه الحية تقتل في أي حال وعلى أي وجه .

يقول الحافظ في الفتح : ( أما إذا رأيت في البيت حية " ذا طفيتين " أو حية بتراء فاقتلها ولا تؤذنها ، وذو الطفيتين : هي حية لها خطان أبيضان ، وقيل : أسودان على ظهرها والحية البتراء حية قصيرة الذيل) .
                                    ( فتح البارى 6 / 351 )
قال ابن حجر الهيتمي : ( إن استثناء هذين -يقصد الأبتر وذو الطفيتين- يقتضي أن الجني لا يتصور بصورتهما ، فيسن قتلهما مطلقا ، ثم رأيت الزركشي نقل ذلك عن الماوردي فقال : إنما أمر بقتلهما لأن الجن لا تتمثل بهما ، وإنما نهى عن ذوات البيوت لأن الجني يتمثل بهما ) .
( الفتاوى الحديثية - 22 ) .

اكتب تعليق

أحدث أقدم