قدرة الجن على التشكل





قدرة الجن على التشكل


إن مما تشير إليه الآيات القرآنية, والأحاديث النبوية أن الجن يتشكلون بالصور المختلفة.

الأدلة على تشكل الجن ورؤيتهم

أما من القرآن فقوله تعالى : { وإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}   (لأنفال : 48 ).
قال الطبري في تفسير هذه الآية: (عن ابن عباس قال: جاء إبليس يوم بدر في جند من الشيطان، معه رايته، في صورة رجل من بني مدلج في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان للمشركين : { لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ} ، فلما اصطف الناس أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من التراب، فرمى بها في وجوه المشركين، فولوا مدبرين، وأقبل جبريل إلى إبليس، فلما رآه – وكانت يده في يد رجل من المشركين – انتزع إبليس يده، فولى مدبراً هو وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة: تزعم أنك جار لنا؟ قال : { إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وذلك حين رأى الملائكة ) .
ومن الأدلة التاريخية التي تصلح في هذا المقام: ما ورد أن الشيطان تصور في صورة شيخ نجدي، عندما اجتمعت قريش بدار الندوة، لتمكر بالرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك قوله تعالى : {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين } (الأنفال: 30 ) وذلك أن قريشاً اجتمعت بدار الندوة، فاعترضهم إبليس في صورة شيخ نجدي عليه بتٌّ، فلما رأوه واقفاً على الباب قالوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من نجد، سمع بالذي اتعدتم له، فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى أن لا يعدمكم رأياً ونصحاً، قالوا: أجل فادخل، فدخل معهم، فأشار بعضهم فقال: نحبسه في الحديد، ونغلق عليه الباب حتى يموت، فقال الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم برأي، والله لئن حبستموه كما تقولون، ليخرجن أمره من وراء الباب إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من بين أيديكم، ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي، فانظروا غيره، فأشار بعضهم بنفيه من البلاد، فقال الشيخ النجدي: ما هذا لكم برأي، ألم تروا إلى حسن حديثه وغلبته على قلوب الرجال؟ حيث يقدر على تأليف القلوب حوله، أديروا فيه رأياً غير هذا. حتى أشار أبو جهل برأيه الذي استقر عليه الأمر بأخذ شاب من كل قبيلة، فيدخلوا على الرسول عليه الصلاة والسلام فيقتلوه جميعاً، فيتفرق دمه على القبائل. فقال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأي ولا رأي غيره، فتفرق القوم وهم مجتمعون على هذا  .
وقد يظهر الشيطان لبعض الناس في صورة بعض الأموات، وأكبر ما يقع ذلك من المشركين، يقول ابن تيمية: (وقد وقع هذا كثيراً، حتى أنه يتصور لمن يعظم شخصاً في صورته، فإذا استغاث به فيظن ذلك الشخص أنه شيخه الميت ) .

ويقول في موطن آخر: (وكذلك يأتي كثيراً من الناس في مواضع ويقول إنه الخضر، وإنما كان جنياً من الجن ).
وغير هذا كثير مما يقع من أتباع الشيطان مع شياطينهم، حيث يتصورون لهم في صور عديدة، ليوهموهم ويستدرجوهم

الأدلة من السنة:
ورد في السنة المطهرة أحاديث عديدة تدل على تشكل الجن ورؤيتهم، نجتزئ بعضها للاستدلال على ذلك أولا :  ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن عفريتا من الجن جعل يفتك عليَّ البارحة، ليقطع عليَّ الصلاة، وأن الله أمكنني منه فذعته، فلقد هممت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد، حتى تنظرون إليه أجمعون -أوكلكم -. ثم ذكرت قول أخي سليمان { قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} (ص: 35) فرده الله خاسئاً "  .
وقد جاء في روايات أخرى أن الشيطان جاء بشعلة من نار ليحرق بها وجه الرسول صلى الله عليه وسلم, فأخذه حتى وجد برد لسانه على يده الشريفة.
فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فصلى صلاة الصبح وهو خلفه، فقرأ، فالتبست عليه القراءة، فلما فرغ من صلاته قال: " لو رأيتموني وإبليس فأهويت بيدي، فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين إصبعي هاتين: الإبهام والتي تليها، ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطاً بسارية من سواري المسجد، يتلاعب به صبيان المدينة، فمن استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين القبلة أحد؛ فليفعل ""  .
وفي صحيح مسلم عن أبي الدرداء قال  :قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعناه يقول: " أعوذ بالله منك, ثم قال: ألعنك بلعنة الله. ثلاثاً، وبسط يده كأنه يتناول شيئاً. فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله, قد سمعناك تقول في الصلاة شيئاً، لم نسمعك تقوله قبل ذلك. ورأيناك بسطت يدك؟ قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي. فقلت: أعوذ بالله منك. ثلاث مرات. ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة. فلم يستأخر. ثلاث مرات. ثم أردت أخذه. والله ! لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً يلعب به ولدان أهل المدينة ""   .
فهذه الروايات تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى الشيطان، ومعه شعلة من نار ليحرق بها وجهه، فأخذه، ولولا دعوة النبي سليمان عليه السلام لربطه في أحد سواري المسجد لينظر إليه الناس
ثانيا : عن أبي عبد الله الجدلي عن ابن مسعود قال : استتبعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، فانطلقت معه حتى بلغنا أعلى مكة، فخط لي خطاً وقال: " لا تبرح " ، ثم انصاع في أجبال الجن، فرأيت الرجال ينحدرون عليه من رؤوس الجبال حتى حالوا بيني وبينه، فاخترطت السيف وقلت: لأضربن حتى استعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكرت قوله: " لا تبرح حتى آتيك،"  فلم أزل كذلك حتى أضاء الفجر... الحديث 
فقوله في الحديث: (فرأيت الرجال ينحدرون عليه من رؤوس الجبال) فيه دليل على أنهم ظهروا لابن مسعود في صورة الرجال، حتى خاف على الرسول صلى الله عليه وسلم منهم، فهم بسيفه ليقاتلهم

ثالثا : ما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (( وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج, وعلي عيال, ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة، وعيالاً فرحمته فخليت سبيله، فقال: أما إنه قد كذبك، وسيعود. فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه سيعود. فرصدته، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج, وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك؟ قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرحمته فخليت سبيله، قال: أما إنه كذبك، وسيعود. فرصدته الثالثة، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات إنك تزعم لا تعود، ثم تعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هن؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسيالله لا إله إلا هو الحي القيوم. حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال: ما هي؟ قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختمالله لا إله إلا هو الحي القيوم. وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة.قال: لا، قال: ذاك شيطان))   .

وقد ورد في حديث معاذ بن جبل قوله : (( ضم إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر الصدقة، فكنت أجد فيه كل يوم نقصاناً، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: هو عمل الشيطان فارصده، فرصدته، فأقبل في صورة فيل، فلما انتهى إلى خلل الباب، دخل من خلل الباب في غير صورته، فدنا من التمر فجعل يلتقمه، فشددت عليّ ثيابي فتوسطته ))  .

وقد بين ابن حجر أن اختلاف هذه الروايات محمول على التعدد، فقد جاء الشيطان مرة في صورة رجل فقير يطلب الصدقة، ومرة أخرى في صورة فيل، و في روايات أخرى ذكرها ابن حجر أنه جاء في صورة دابة تشبه الغلام المحتلم، فعن أبي بن كعب: (( أن أباه أخبره أنه كان لهم جرن فيه تمر، وكان مما يتعاهده فيجده ينقص، فحرسه ذات ليلة، فإذا هو بدابة كهيأة الغلام المحتلم، قال: فسلمت فرد السلام، فقلت: ما أنت: جن أم أنس؟ فقال: جن، فقلت: ناولني يدك, فإذا يد كلب وشعر كلب، فقلت: هكذا خلق الجن؟ فقال: لقد علمت الجن أنه ما فيهم من أحد هو أشد مني، فقلت: ما يحملك على ما صنعت؟ قال: بلغني إنك رجل تحب الصدقة، فأحببت أن أصيب من طعامك، قلت: فما الذي يحرزنا منكم؟ فقال: هذه الآية، آية الكرسي, قال: فتركته، وغدا أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق الخبيث )) . إلى غير ذلك.
وهذه الروايات بمجموعها تدل على تشكل الجن ورؤيتهم في صورهم التي تشكلوا بها .
 روى مسلم في صحيحه  :
أن أبا السائب دخل على أبي سعيد الخدري في بيته، قال: فوجده يصلي، قال: فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته. فسمعت تحريكاٍ في عراجين في ناحية البيت. فالتفت فإذا حية. فوثبت لأقتلها. فأشار إليّ: أن أجلس. فجلست. فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار. فقال: أترى هذا البيت؟ فقلت: نعم. فقال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس. قال فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق. فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله. فاستأذنه يوماً. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ عليك سلاحك. فإني أخشى عليك قريظة. فأخذ الرجل سلاحه. ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة. فأهوى إليها الرمح ليطعنها به. وأصابته غيرة. فقالت له: اكفف عليك رمحك، وأدخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني. فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش. فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به. ثم خرج فركزه في الدار. فاضطربت عليه. فما يدري أيهما كان أسرع موتاً. الحية أم الفتى؟ قال: فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا له. وقلنا: ادع الله يحييه لنا. فقال: " استغفروا لصاحبكم. ثم قال: إن بالمدينة جناً قد أسلموا. فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام. فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه. فإنما هو شيطان" .
 
ففي هذا الحديث دلالة على أن الجن يتشكلون في صورة الحيات، وقد كانت تلك الحية التي دخلت البيت عبارة عن جن في صورة حية، صرع الفتى بسببها، ولذا فإن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن قتل حيات البيوت قبل استئذانها ثلاثة أيام، لئلا تكون تلك الحية جناً مسلمينوعن عمر بن نافع قال: (كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يوماً عند هدم, فرأى وبيص جان فقال: اتبعوا هذا الجان فاقتلوه، فقال أبو لبابة الأنصاري: (( إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إلا الأبتر, وذا الطفيتين، فإنهما اللذان يخطفان البصر, ويتبعان ما في بطون النساء ))  .
وأخرج البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقتلوا ذا الطفيتين، فإنه يطمس البصر, ويصيب الحبل "   .
والنهي عن قتل حيات البيوت لكون الجان يتمثل بصورة الحيات، قال ابن حجر الهيتمي: (إن استثناء هذين – يقصد الأبتر وذا الطفيتين - يقتضي أن الجني لا يتصور بصورتهما، فيسن قتلهما مطلقاً، ثم رأيت الزركشي نقل ذلك عن الماوردي فقال: إنما أمر بقتلهما لأن الجن لا تتمثل بهما، وإنما نهى عن ذوات البيوت لأن الجني يتمثل بهما )   .
ثم قال ابن حجر: (وما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه مما يقتضي عدم قتله مطلقاً يحمل على ما إذا لم ينذر، وأن الإنذار يتأكد فيه، لأنه أقرب إلى صورة الجن من غيره، وكذلك يحمل على هذا حديث مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجان إلا الأبتر وذو الطفيتين )   .
وأخرج أبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " اقتلوا الحيات كلها إلا الجان الأبيض، الذي كأنه قضيب فضة ".  
وذلك لتمثل الجان في صورة الحيات البيضاء قال أبو داود: (فقال لي إنسان: الجان لا يعرج في مشيته، فإذا كان هذا صحيحاً كانت علامة فيه إن شاء الله ) .

وفائدة الإنذار :
 أن الجني الذي يظهر بصورة حية إذا كان مسلماً يخرج بسماعه للإنذار، وإذا لم يخرج فهو جن كافر أو حية، وكل منهما يقتل شرعاً.
والجن يتصور بصورة الكلاب كذلك قال ابن تيمية: (والجن تتصور بصورة الكلب الأسود, وكذلك بصورة القط الأسود, لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وفيه قوة الحرارة ) .
فعن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله، ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها وقال : " عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان " .

وقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن مرور الكلب الأسود يقطع الصلاة، فعن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قام أحدكم يصلي، فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل. فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل، فإنه يقطع صلاته الحمار, والمرأة, والكلب الأسود. قلت: يا أبا ذر: ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي! سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: الكلب الأسود شيطان"   . 
فعلل بأنه شيطان، والجن تتشكل بالصور المختلفة للحيوانات سواء كانت كلاباً أو غيره.
وهكذا يظهر لنا مما تقدم أن الجن يتشكلون في الصور المختلفة، وعندئذ يمكن رؤيتهم، وهذا هو الذي عليه جمهور الفقهاء من المسلمين، لما ورد من الآثار الكثيرة في تشكيلهم ورؤيتهم، وقد مر معنا قسم منها

قال ابن تيمية: (والجن يتصورون في صور الإنس والبهائم، فيتصورون في صور الحيات والعقارب وغيرها، و في صور الإبل, والبقر, والغنم, والخيل, والبغال, والحمير، و في صور الطير، و في صور بني آدم )  .

ولا يمنع خلقهم من النار تشكلهم في الصور المختلفة، يقول الباقلاني: (لسنا ننكر مع كون أصلهم النار أن الله تعالى يكثف أجسامهم ويغلظها، ويخلق لهم أغراضاً تزيد على ما في النار، فيخرجون عن كونهم ناراً، ويخلق لهم صوراً وأشكالاً مختلفة) .

اكتب تعليق

أحدث أقدم